في أحد الأزمنة الغابرة ( أو الغبره ) كان هناك
مومس معروفة، اعتادت على ممارسة البغاء بل و تفننت فيه على عدة أصعده، كانت تعمل
تحت يد قواد له السطوة عليها لكن دايما ماكان بينهم مناوشات خفيفة، فهي دايما
تبتغي أن تكون سيدة المكان و المومس الأهم وسط الباقيين و هو في نفس الوقت يخاف من
سطوتها حتى لا تحجم قوته في ادارة البيت الكبير.
كان هناك شباب الحارة الجدعان الذين لم يرضوا
بما تفعله، و مرارا نصحوها و عنَّفوها و أخبروها كيف أن القواد يستغلها لأنه يعلم
قدراتها لكنها لم تستمع و نهرتهم على المزايدة عليها و اخبرتهم بفخر كيف أنها لا
تعاشر الى رجال الدين الأفاضل و كيف لا تترك فرضا واحدا و كيف أن الفتيات الذين
يعملون معها من البيت للجامع و من الجامع للبيت.
وفي مرة أرادت غرفة أوسع في بيت البغاء
الكبير لكن القواد رفض فهو يخاف من سطوتها على مكان و تمثيلها فيه، إلا أن المومس
لم تستسلم فبذكاء خرجت باكية لتخبر شباب الحارة الجداع كيف يجبرها القواد على ممارسة
البغاء و هي لا ترضى لكنها مضطرة، ثار دم الشباب و خرجوا هاتفين حاملين الطوب و
العصي و حدث الصدام بينهم و بين القواد و مساعديه لكن كان دوما القواد أقوى عددا و
سلاحا فسقط من شباب الحارة الجدعان من سقط و ابتلت ارض الحارة العفيفة بدماء الجدعان
لكن مع سقوط الشباب و ضعفهم يزداد عددهم فهم يريدون لحارتهم التي يحبونها الشرف و
يردون الحفاظ على ماء وجهم و ان كلفوا حياتهم و مع تزايدة العدد شعر القواد بالقلق
فأخبر المومس أن تأتي و يتفاوضوا فأخبرته أنها تريد الحجرة الأكبر ففرض شروطا
فقبلتها، فدخلت تحت قبة الحجرة الواسعة تطلق الزغاريد بينما يقف شباب الحاره
الجدعان بالخارج مذهولين ينظرون اليها و إلى دماء اخوانهم التي مازالت ساخنة تغطي
ارض الحاره، وقتها وقفت المومس و تحت قبة حجرتها الجديدة وقفت لتقول للشباب اذهبوا
من هنا ما أنتم الا مجموعة من المشاغبين و منكم من يتعاطى الترامادول و منكم من هو
هائج فقط للنوم معي و ان لم تذهبوا سأشتكيكم لرئيس الحي الذي يعرفه القواد فأنتم
توقفون حال بيت البغاء من العمل و تسعون لهدم الحاره.
لملم الشباب جراحهم و دمائهم و أشلاء ذويهم
ثم تفرقوا مابين غاضبين و باكين و متفائلين و مُنِظِرين و من حتى مازال يجد العذر
للمومس و ينصح الشباب باستخدام العقل و عدم الاستعجال عليها و سمَّى نفسه
بالاصلاحي الذكي و سمَّوه هم بالمعرص الصغير و لكن مع اختلافهم اجتمعوا على
مشاهدتها و الزبائن المتوالين على بيتها الذي صار علما للبغاء و ضياع شرف الحارة و
ظلت هي ترضي القواد كل يوم بليلة حمراء يستنفذ فيها كبته ليخرج معها صباحا ليواجها
شبابا الحارة قائلين "موتوا بغيظكم".
بعد فترة جاءت النزوة إياها للمومس و رأت
انها تستحق المنزل كله لنفسها، أخبرت القواد بذلك فثار غضبه و هددها بالمحاضر
المرصودة ضدها و الشكاوي التي أوقفها بحكم صلاته، أظهرت له الرضا ثم تلصصت خارجه
الى الحارة فرأت الغضب في أعين الشباب فوقفت في مكان عالي و قالت أنها لن تناقشهم
فهي تعلم غضبهم لكن – منكسره - بدأت في اخبارهم كيف مازال يجبرها على فعل مالا
ترتضي و كيف أنها سكتت فقط لأنها كانت تتوقع عودته الى رشده و أنها أرادت اصلاح
البيت ذو القبه العامره اللامعه لكنه لايترك لها فرصة لفعل الأمر الصحيح ثم أنهت
كلامها ببضع دموع أظهرتهم كأنهم إنسالوا رغما عنها و تركتهم لتدخل البيت مرة أخرى،
مبتسمه في خبث و هي ترى الحماسة في أعين شباب الحارة الجدعان، و أغمضت عينيها
حالمه بالبيت الكبير تحت سطوتها و ضحكت بشدة متناسية اللون الأحمر الذي يحيط
بالعتبات.
0 comments:
إرسال تعليق